الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البهجة في شرح التحفة ***
(وإن يكن) فقد بأرض الكفر (في) وقت (الحرب) والقتال معهم (فالمشهور) من قولين كما لابن رشد في البيان (في ماله والزوجة التعمير) لأن الأصل هو الحياة فيحمل أمره على الأصل فلا يقسم ماله ولا تتزوج زوجته إلا بعده وبعد الحكم بموته على ما مر تفصيله في المفقودين في غير الحرب والأسير المتقدمين، ثم أشار إلى أن أمد التعمير فيه خلاف فقال: (وفيه) أي أمد التعمير في جميع ما مر (أقوال لهم معينة) فقال ابن القاسم وأشهب ومالك مرة سبعون سنة وهو أصحها كما قال: (أصحها القول بسبعين سنة) وبه صدر (خ) حيث قال: وهو أي التعمير سبعون واختار الشيخان ثمانين وقال مالك وابن القاسم مرة ثمانون واختاره الشيخان وابن محرز كما مر عن (خ) قال ابن سلمون: وبه القضاء والعمل. وقال ابن الماجشون، ومالك: مرة: تسعون، وعند أشهب وابن الماجشون أيضاً: مائة، وللداودي عن محمد بن عبد الحكم: مائة وعشرون، وعلى الأول إذا فقد وهو ابن سبعين زيد له عشرة أعوام، وكذا إن فقد وهو ابن ثمانين، وإن فقد وهو ابن خمس وتسعين زيد له خمس سنين، وإن فقد وهو ابن مائة اجتهد القاضي فيما يزاد له، وقيل يزاد له عشر، وقيل العام والعامان وإن فقد وهو ابن مائة وعشرين تلوم له العام ونحوه قاله ابن عرفة. ثم أشار إلى القول الثاني وهو مقابل المشهور المذكور فقال: (وقد أتى قول) في المفقود في القتال الذي بين المسلمين والكفار (بضرب عام) بعد البحث من الحاكم والتفتيش وسؤال من يظن به معرفته، فإذا أيس من خبر ضرب له أجل سنة واستمرت نفقتها في ماله إلى انقضائها وتعتبر السنة (من حين يأس منه) كما في المتيطية وابن سلمون وغيرهما (لا) من حين (القيام) فإذا انقضت السنة قسم ماله واعتدت زوجته كما قال: (ويقسم المال على) حكم (مماته وزوجة تعتد) عدة الوفاة (من) أجل (وفاته) ابن سلمون: فإذا انقضى الأجل الذي هو السنة ولم تثبت حياته ولا موته اعتدت زوجته وورثه ورثته الأحياء إذ ذاك وتنقطع النفقة عن الزوجة وغيرها ممن تلزمه نفقته، ولا يحتاج في ذلك إلى تجديد حكم اه. أي: كما أن المفقود الآتي بأرض الإسلام في غير قتال لا يحتاج فيه إلى تجديد حكم بعد انقضاء الأربع سنين. ابن رشد: ولا فرق بينهما في جميع الأحكام إلا أن هذه تؤجل سنة بعد الاستقصاء وتلك أربع سنين بعد الاستقصاء أيضاً. (وذا) أي هذا القول الذي هو تأجيلها سنة من حين اليأس منه رجحه ابن رشد في المقدمات وشهره (خ) حيث قال: في الفقد بين المسلمين والكفار تعتد بعد سنة بعد النظر و(به القضاء في الأندلس) كما في ابن سلمون وغيره (لمن مضى فمقتفيهم) أي متبعهم في الحكم به كخليل وغيره (مؤتس) أي مقتد بقدوة ووجه هذا القول كما في ابن سلمون أنه رجح فيه الغالب على الأصل. ألا ترى أنه لا يحكم له بالحكم المذكور إلا إذا ثبت أنه رؤي في المعترك بين الصفين، ولذا يكتب فيه يعرف شهوده فلاناً، ويعلمون أنه حضر الواقعة بين المسلمين والنصارى بموضع كذا، وعاينوه في ذلك المكان في معترك القتال هنالك بين الصفين وفقد هنالك وعمي أثره، فلا نعلم حياته من وفاته حتى الآن وبذلك قيدوا شهادتهم في كذا، فإذا ثبت هذا ولم تعلم حياته بعد الأجل والبحث عنه فإن الغالب عليه الموت فرجح على الأصل الذي هو الحياة، ولذا رجحوه على ما شهره الناظم تبعاً لصاحب البيان، وأما إذا لم تشهد البينة بمعاينته في المعترك، بل شهدت بأنه خرج مع الجيش فقط فلا يكون حكمه ما تقدم بل حكمه حكم المفقود بأرض الإسلام في غير حرب، وهو القسم الثالث من أقسام المفقود الأربعة المشار إليه بقوله: أي التأجيل، فإذا فقد بأرض الإسلام في غير قتال فيفصل فيه بين الزوجة والمال فالزوجة لها أن ترفع أمرها إلى القاضي أو الوالي أو لجماعة المسلمين، فتؤجل أربع سنين والعبد نصفها بعد البحث عن خبره، وسؤال من يظن به معرفته ويعتبر الأجل من وقت العجز عن خبره لا من يوم الرفع، وأجرة البحث عليها لأنها الطالبة كما صوبه ابن ناجي، فإن لم يكن لها مال فالأجرة من بيت المال، فإن تعذر الوصول إليه كما عندنا اليوم، فالظاهر كما قال بعض: أنه ينتظر به مدة التعمير، وهذا كله إذا كان له مال تنفق منه في الأجل وإلاَّ طلقت نفسها كما قدمه في قوله: وكل من ليس له مال حري. البيت. فإذا انقضت الأربع للحر أو السنتان للعبد اعتدت كالوفاة من غير احتياج إلى تجديد حكم كما مر قريباً وهو معنى قوله: (وباعتداد الزوجة) بعد الأجل المذكور ( الحكم جرى) حال كونه (مبعضاً) بالنسبة إليها دون المال إذ المال يجب على القاضي أن يحصره ويقدم من قرابته أو غيرهم من ينظر فيه إلى أن يثبت موته أو حياته أو تمضي مدة التعمير ولا تمكن الورثة من قسمه عند انقضاء الأربع سنين قبل التعمير كما قال: (والمال فيه عمِّرا) فحكم الزوجة والمال في هذا المفقود مختلف لأنه يقدر بعد الأجل المذكور بالنسبة للزوجة كأنه مات فأمرت بالاعتداد، وبالنسبة للمال كأنه حي فلم يورث ماله ولم يقسم حتى تنقضي مدة التعمير وهو معنى قوله: مبعضاً. ووجه ذلك أن الزوجة لما لحقها الضرر قدم في حقها الغالب على الأصل لأن الأصل في المفقود الحياة والغالب من عدم ظهور خبره بعد البحث والتأجيل الموت، فقدم الغالب بالنسبة إليها للضرر دون المال إذ لا ضرورة تدعو إلى قسمه وإلى هذا القسم من أقسام المفاقيد أشار (خ) بقوله: ولزوجة المفقود الرفع للقاضي والوالي ووالي الماء، وإلاَّ فلجماعة المسلمين فيؤجل الحر أربع سنين إن دامت نفقتها والعبد نصفها من العجز عن خبره، ثم اعتدت كالوفاة وسقطت بها النفقة ولا تحتاج فيها لإذن إلى أن قال: وبقيت أم ولده وماله وزوجة الأسير ومفقود أرض الشرك للتعمير الخ. تنبيهان: الأول: فإن بقيت زوجته بلا تزوج بعد اعتدادها منه إلى انقضاء مدة التعمير فلا ميراث لها منه وإن كان لو أتى هو في تلك المدة كان أحق بها لأنها قد بانت منه بعد الأجل وحكم بموته في حقها، وكذلك لو ماتت هي بعد دخولها في العدة وقبل انقضاء مدة التعمير فلا يوقف للزوج ميراثه منها إلا أن تثبت حياته بعدها، ويظهر خطأ الحكم بموته وتكون هي لم تتزوج غيره قاله ابن سلمون وغيره. الثاني: إذا كانت الزوجة غير مدخول بها فهل يكمل لها الصداق وبه القضاء أو لا؟ روايتان. وإذا قدم فهل ترد نصف ما قبضته أم لا؟ وبه القضاء. وإذا كان الصداق مؤجلاً فهل يعجل وهو لمالك أم لا؟ وهو لسحنون وهو الراجح قولان. قال جميعه (ز) وانظر قوله أولاً وبه القضاء الخ فإن الذي لابن عرفة عن الموازية أن ابن القاسم اختار الرد والله أعلم. ثم أشار إلى القسم الرابع من أقسام المفاقيد فقال: (وحكم مفقود بأرض الفتن) والقتال الواقعين بين المسلمين (في المال والزوجة حكم من فني) ومات بالفعل فتعتد زوجته من ذلك اليوم ويرثه ورثته الأحياء يومئذ من غير أجل. قال ابن سلمون، قال مالك: ولكن يتلوم له أمد يسير بقدر ما يرجع من انصراف أو هرب إلى موضعه اه. وهذا يختلف بحسب قرب المواضع وبعدها واستمرار الهزيمة وردها، وهو معنى قوله: (مع التلوم) أي حال كون الحكم المذكور مصاحباً بالتلوم (لأهل الملحمة) أي القتال (بقدر ما تنصرف المنهزمة) وهو أحد التفسيرين والتفسير الآخر أنها تعتد بعد انفصال الصفين من غير تلوم (خ): واعتدت في مفقود المعترك بين المسلمين بعد انفصال الصفين. وهل يتلوم ويجتهد؟ تفسيران الخ. وظاهره كشروحه أنه لا فرق بين بعد أماكن القتال كالخارجين مع السلطان لقتال البغاة ونحو ذلك، أو قربها وهو كذلك على المعتمد فقول الناظم: (وإن نأت) أي بعدت (أماكن الملاحم) جمع ملحمة أي التحام الصفين (تربص العام) أي تربصت زوجته سنة والعدة داخلة فيها (لدى ابن القاسم) ضعيف مقابل للمعتمد، ثم إن الناظم حذف الفاء مع ما لا يصلح أن يكون شرطاً كقولهم: من يفعل الحسنات الله يشكرها، وهذا إذا أعرب تربص مبتدأ والخبر في الظرف بعده، ويحتمل أن يقرأ بضم التاء على أنه فعل ماض والعام نائبه وهو أولى. (وأمد العدة) داخل (فيه) أي في العام المذكور على القول المذكور، ثم محل كونها تعتد بعد انفصال الصفين مع التلوم أو دونه أو تتربص العام مع البعد (إن شهد) العدول (أن) على حذف الجار (قد رأى الشهود) فاعل رأى (فيها) أي الملحمة ( من) مفعول برأى (فقد) صلة أي لا بد أن يشهدوا بمعاينته في المعترك كما مر في المفقود في الحرب بين المسلمين والكفار وسواء كانت شهادة أصل أو شهادة نقل كما يقتضيه كلام الناظم لأنه تكلم على شهادة النقل فيفهم جواز شهادة الأصل بالأحرى، ويحتمل أن يكون الشهود فاعل يشهد المبني للفاعل وأن وما بعدها مفعوله أي أنه شهد الشهود إن قدر أو أمن فقد في المعركة، فيكون قد تكلم على شهادة الأصل فقط، وفيه ضعف من جهة أن الشهود يتنازع فيه رأى وشهد فأعمل الأولى على هذا الاحتمال، وأعمل الثاني في ضميره وحذفه مع أنه عمدة لا يحذف، ويحتمل أن يقرأ شهد بالبناء للمفعول وأن وما بعدها نائبه أي إن شهد برؤية الشهود من فقد في المعركة وهو في المعنى هو الاحتمال الأول، وإنما اختلف في كون شهد مبنياً للفاعل أو المفعول، ومفهوم الشرط أنهم إذا لم يشهدوا برؤيته في المعركة لم يكن حكمه ما مر من الخلاف المذكور، بل حكمه حكم المفقود بأرض الإسلام بغير حرب اتفاقاً فتؤجل زوجته أربع سنين ويبقى ماله للتعمير كما مرّ. مأخوذة من حضانة الطير إذا غطى أولاده بأجنحته وهي في الشرع الكفالة والتربية والقيام بأمور المحضون، وإليه يرجع قول ابن عرفة: هي محصول قول الباجي حفظ الولد في مبيته ومؤنة طعامه ولباسه ومضجعه وتنظيف جسمه أه. وهي واجبة إجماعاً لأن في تركها تضييعاً للولد. ابن رشد: لأنه خلق ضعيف يفتقر لكافل يربيه حتى يقوم بنفسه فهي فرض كفاية إن قام بها قائم سقط عن الباقين ولا تتعين إلا على الأب والأم في حولي رضاعه إن لم يكن له أب، أو كان ولا يقبل غيرها. (الحق للحاضن في الحضانة. وحال هذا القول) أي ووجهه ودليله (مستبانة) أي بينة والحال يذكر ويؤنث ولذا أخبر عنه بالمؤنث. (لكونه يسقطها) بضم الياء من أسقط الرباعي (فتسقط) بفتح التاء من سقط الثلاثي والضمير المضاف إليه كون يعود على الحاضن أي إنما كان حال هذا القول بيناً لكون الحاضن إذا أسقط الحضانة بعوض الخلع أو بغير عوض أصلاً فإنها تسقط ولو كانت حقاً للمحضون أو حقاً لله أو لهما ما سقطت بإسقاطه ولكونه أيضاً لا أجرة للحاضن على الحضانة إذ الإنسان لا يأخذ أجراً على فعل شيء واجب عليه، ولو كانت حقاً للمحضون لكانت له الأجرة. وهذا على المشهور من أنه لا أجرة له كما قال (خ): ولا شيء لحاضن لأجلها أي لأجل مجرد الحضانة التي هي حفظ الولد في بيته كما تقدم، وأما خدمته من طحن وعجن وسقي ماء وطبخ وغسل ثياب فلها الأجرة على ذلك لأن الأب يلزمه إخدام ولده. وفي وصايا المتيطية ما نصه: ولا أجرة للحاضنة على الحضانة وإنما لها الأجرة إن كفته مؤنة الخدمة اه. ونحوه في البرزلي قائلاً، وأما كلفة المؤنة فلها الأجرة إن خدمتهم وإن استغنى الولد بالخادم عن خدمتها فلا شيء لها من أجرة الكفالة. (وقيل بالعكس) وهو أن الحق للمحضون وعليه (فما) نافية (أن) زائدة (تسقط) أي فلا تسقط بإسقاطه وهما روايتان. وقيل: الحق لهما وهو اختيار الباجي وابن محرز، واستظهره الشارح، وقيل: الحق لله تعالى وعليهما فلا تسقط ومما بنوه على الخلاف إذا قبضت الحاضنة كسوة الولد ونفقته فادعت أنهما تلفا فعلى الثاني تحلف وهما على الأب وعلى الأول ضمانهما منها إلا ببينة على الضياع، وعليه العمل كما في ابن عات. ونقله ابن عرفة ومما بنوه عليه أيضاً إذا طلق الرجل امرأته، ثم أخذت بعد ذلك عوضاً عن إسقاط الحضانة فعلى أن الحق لها يجوز ولا رجوع لها فيه وهو المعتمد، وعلى أنه حق للولد لا يلزمها ذلك ولها الرجوع في العوض كما في البرزلي عن ابن رشد، ومما بنوه أيضاً أن الأم إذا أسقطت الحضانة للأب مثلاً فإن الجدة للأم تأخذه، وهذا إنما يتفرع على الثاني دون الأول، ومن ذلك أيضاً إذا قال الأبعد: أنا أنفق عليه مالي ولا أبيع له شيئاً من أمتعته بل تبقى موقوفة له إلى بلوغه، ولا أرجع عليه بشيء وأبى الأقرب إلاّ بيع أمتعته وإنفاقها عليه فالذي رجحه ابن لب وغيره نقل الحضانة للأبعد حيث لا ضرر على المحضون ولا نقص مرفق لظهور المصلحة العظمى بصون ماله، وهذا إنما يتفرع على الثاني أيضاً دون الأول. تنبيه: تقدم أن الحاضن إذا كانت له خدمة غير الحضانة، فله الأجرة على ذلك، وأما المحضون إذا كانت له خدمة فهل يرجع بها الأب على الحاضنة أم لا؟ ففي البرزلي عن ابن الرماح: أن المحضونة إذا كانت تخدم نفسها فلا مقال لأبيها وإن كانت تخدم الحاضنة خدمة لها بال فيرجع على الحاضنة بأجرة مثلها اه. البرزلي: هذا بيِّن إن لم تكن الحاضنة أمها فإن كانت فالصواب أن لا أجرة لها كما تجب على أمها إن كان للمحجورة مال وأما لو كانت لها صناعة من غزل أو غيره فإنه يرجع بذلك على الحاضنة اه. يريد الحاضنة غير الأم بدليل ما في المعيار من أنه اختلف ابن عتاب وابن القطان في الصبية المحضونة إذا كانت لها صنعة فاجتمع لها من صنعتها دنانير، فأرادت أمها المختلعة المتحملة أن تستعين بها في نفقتها فقال ابن عتاب: إن ذلك للأم تستعين به في نفقتها. وقال ابن القطان: لا يكون لها بل يوقف للابنة، وقول ابن عتاب أولى، وفيه أيضاً لا كسب للمحضون بمعنى أن كسبه ينفق عليه، وقيل لا ينفق عليه وهو أصح اه. ففرق بين الأم وغيرها فالأم تستعين بخدمة المحضون دون غيرها كما ترى. (وصرفها) أي الحضانة (إلى النساء أليق لأنهن في الأمور) أي في أمور الحضانة أعرف من الرجال لأن الحضانة من مقتضيات طباعهن، فلذلك قدمهن الشارع صلوات الله وسلامه عليه على غيرهن لأنهن (أشفق) بالمحضون وأرأف وأدرى بمصالحه، وقاعدة الشرع كما للقرافي أن يقدم في كل ولاية من هو أدرى بمصالحه، ففي الحرب من هو شجاع يسوس الناس، وفي القضاء من هو فقيه متأيد بالدين والفراسة، وفي ولاية الأيتام من هو عارف بتنمية المال، وقد يكون المقدم في باب مؤخراً في غيره، فالمرأة مؤخرة في الإمامة مقدمة في الحضانة لمزيد شفقتها وصبرها فهي أقوم بمصالح الطفل. (وكونهن من ذوات الرحم شرط لهن) خبر عن كون (وذات محرم) معطوف على ذوات الرحم أي شرط حضانة النساء أن يكن ذوات رحم من المحضون كالأم والخالة والجدة ونحوهن، وأن يكن محرمات عليه كالخالة ومن معها فإن لم يكن ذوات رحم منه كالأم والأخت من الرضاع وزوجة أبيه ونحوها من المحرمات بالصهر فلا حضانة لهن، وكذلك إن كن ذوات رحم منه ولم يكن محرمات عليه كبنتي الخالة والعمة ونحوهما فلا حضانة لهن أيضاً، وفهم منه أن هذا الشرط خاص بالنساء، وأما الرجال فيستحقون الحضانة بمجرد الولاية ولا يشترط فيهم إلا الشروط الآتية في قوله: وشرطها الصحة والصيانة الخ. فالرجال يستحقونها بالشروط الآتية كانوا من ذوي رحمه المحرم كالجد والعم، أو من ذوي رحمه الذي ليس بمحرم كابن العم، أو لم يكونوا من ذوي رحمه أصلاً كالوصي والمولى ومقدم القاضي، وهذا البيت تقييد للعموم في البيت قبله أي إنما يليق صرفها للنساء بشرط كونهن من ذات رحمه وذوات محرم منه. (وهي) أي الحضانة أي حدها مستمر (إلى الإثغار في الذكور) أي في قول أبي مصعب ومن معه وهو ضعيف بدليل قوله: (والاحتلام) مبتدأ خبره (الحد في المشهور) (خ): وحضانة الذكر للبلوغ والأنثى كالنفقة الخ. وهو معنى قوله: (وفي الإناث للدخول المنتهى) مبتدأ خبره في المجرور قبله أي تستمر الحضانة في الأنثى لدخول زوجها بها كما تستمر نفقتها لدخولها كما قال في النفقات: ففي الذكور للبلوغ يتصل *** وفي الإناث بالدخول ينفصل فتزف المحضونة لزوجها من بيت حاضنتها ولا مقال للأب بخلاف الختان، فإنه يختن الولد عند أبيه ثم يرد إلى حاضنته. ابن عرفة: ومستحقها أبو الولد زوجان هما وفي افتراقهما أصناف. الأول الأم ونساؤها من لها عليه ولادة بسببها، وأول فصل منها أي من هذه التي لها عليه ولادة، فالخالة أحق من الجدة للأب لأنها أول فصل ممن لها عليه ولادة. الثاني: نساء الأب من لها عليه أمومة كما مر. الثالث: الوصي. الرابع: العصبة اه. والضمير في هما خبر عن قوله مستحقها. وجملة وأبو الولد زوجان مبتدأ وخبر حالية خلت من الواو، وفهم منه أن الأصناف المذكورة هي على الترتيب المذكور فلا كلام للصنف الثاني مع وجود الأول، وهكذا. وأما ترتيب أفراد كل صنف فهو ما أشار له الناظم بقوله: (فالأم أولى) من باقي قرابتها وأحرى من الأصناف التي بعدها (ثم) إن لم تكن أم أو تزوجت أجنبياً ف ( أمها) وهي جدة الطفل أولى (بها) أي الحضانة فإن لم تكن أو تزوجت. (فأمها) أي أم أمها أو أم أبيها فإن اجتمعتا فأم أمها أحق بها أي بالحضانة من أم أبيها فإن لم تكن واحدة منهما فأم أم أمها أو أم أم أبيها أو أم أبي أبيها أو أم أبي أمها، فإن اجتمع الأربع فأم أم أمها أحق ثم أم أبي الأم وأم أم الأب بمنزلة واحدة ثم أم أبي الأب، وعلى هذا الترتيب أمهاتهن ما علون قاله ابن عرفة. فإن لم تكن واحدة ممن تقدم. (فخالة) وهي أخت الأم الشقيقة ثم التي للأم ثم التي للأب فإن لم تكن واحدة منهن فأخت جدة الطفل وهي خالة أمه وخالة خالته الشقيقة ثم التي للأم، ثم التي للأب كما مر في أخت الأم. وهي خالة الطفل، فإن لم تكن واحدة منهن فأخت الجد للأم وهي عمة الأم وعمة الخالة، وعلى هذا الترتيب ما بعد النسب من الأم. وهنا انتهى الكلام على ترتيب الصنف الأول وهو مقدم على الصنف الثاني الذي بعده إجماعاً. تنبيهان: الأول: كل من انتقلت له الحضانة من هذه الأفراد يشترط في استحقاقه للحضانة أن لا يسكن مع من سقطت حضانته بتزوج أو غيره كما في (خ) وغيره. الثاني: قال في المدونة: وللأب تعاهد ولده عند أمه وأدبه وبعثه للمكتب ولا يبيت إلا عند أمه. ابن عرفة: ويجب كون الظرف الذي هو عند أمه في موضع الحال من ولده لأنه معمول للفظ تعاهد لأن ذلك ذريعة لاتصاله بمطلقته مع زيادة ضرر زوجها بذلك. قلت: ومنه يعلم الحكم فيما يقع كثيراً من تنازع الزوج ومطلقته في الولد الصغير كالرضيع والفطيم فتريد هي أن يأتي إليه أبوه لينظر حالته وما هو عليه عندها ويطلب هو أن ترسله إليه لينظر ذلك، فالقول له لا لها كما يدل عليه قوله لأن ذلك ذريعة لاتصاله بمطلقته الخ. وبه كنت أفتيت لما سألني عن ذلك بعض أولاد الأمراء حين تنازع مع مطلقته في ذلك. ثم أشار إلى ترتيب أفراد الصنف الثاني بقوله: (فأم الأب) أي جدة الطفل من جهة أبيه (ثم) إن لم تكن أمه أو كان لها زوج أجنبي ف (أب) فإن لم يكن (فأم من له انتسب) وهي جدة الأب من أمه أو أبيه وإن علت، وهذا على ما في ابن سلمون من أن المشهور أن الأب مقدم على غيره من قرابته، ومذهب المدونة أن الأب مؤخر عن أمه وعن أم أمه وأم أبيه وأم أمه أحق من أم أبيه إن اجتمعتا، فإن لم تكن له واحدة منهما فأم أم أمه أو أم أم أبيه أو أم أب أبيه أو أم أبي أمه كما مرّ في قرابات الأم فإن لم تكن واحدة منهن فالأب حينئذ هذا مذهبها وهو المشهور، وبه أفتى (خ) ثم جدة الأب ثم الأب الخ. وعليه فلو قال الناظم: ثم بعيد جدة ثم الأب لوافق المذهب. (فالأخت) للطفل على مذهبها أيضاً (فالعمة) له أي وهي أخت الأب فإن لم تكن فعمة الأب فإن لم تكن فخالة الأب فإن لم تكن (فابنة الأخ) وقد علمت أن الناظم أسقط خالة الأب كخليل مع أنها مقدمة على ابنة الأخ كما في المقدمات وغيرها. فإن لم توجد بنت الأخ أو قام بها مانع (فابنة الأخت) على المعتمد كما يفيده نقل (ق) وإن كان (خ) حكى أقوالاً في كونها تقدم على بنت الأخ أو تؤخر أو لا حضانة لها من غير ترجيح لشيء منها فإن لم تكن أو قام بها مانع انتقل الحق للصنف الثالث وهو الوصي لأنه أحق من العصبة كما يأتي فإن لم يكن الوصي ولا وصي وصيه انتقل الحق للصنف الرابع، وأشار إلى ترتيب أفراده بقوله: (فأخ) للطفل (بعد رسخ) أي ثبت بعد من ذكر. (والعصبات) أي بقيتهم (بعد) الأخ الأقرب فالأقرب فالجد من قبل الأب بعد الأخ ثم ابن الأخ ثم العم ثم ابنه ثم المولى الأعلى ثم الأسفل وهو عتيق أبي المحضون (والوصي أحق) أي من الأخ وسائر العصبة، وظاهره كان الوصي ذكراً أو أنثى وهو كذلك إلا أنه إذا كان أنثى فله الحضانة مطلقاً، وأما إن كان ذكراً فإنما له حضانة الذكر أو الأنثى التي لا تطيق الوطء أو أطاقته ولكنه تزوج بأمها أو بجدتها حتى صار محرماً، وإلا فلا حضانة له على أحد قولين مرجحين، وهو الذي يجب اعتماده في زمننا هذا من غير نظر لكونه مأموناً أم لا لغلبة الفساد، بل وكذلك ينبغي في العاصب الذي ليس بمحرم كابن العم ونحوه فبقاء المطيقة مع زوج أمها أحسن لأنه ذو محرم منها. والوصي وابن العم كلاهما غير محرم. وفي المتيطية التصريح بذلك في الوصي وابن العم كذلك فيما يظهر، وتأمل ما يأتي عند قوله: والسن بها مرعي والله أعلم. وشمل قوله: والوصي الخ مقدم القاضي فإنه يقدم على العصبة كما في أقضية الزرقاني، ولكن أنت خبير بفساد قضاة الوقت كما تقدم في الأقضية والشهادات، فيقدمون من لا يستحق التقديم، بل ولا تكون فيه شروط تولية القضاء متوفرة في الغالب وعليه فلا ينبغي أن يقدم مقدمه على العصبة والله أعلم. (والسن بها مرعي) أي إذا تعدد الحاضن وهو في درجة واحدة كأخوين أو أختين مثلاً، فالأكبر سناً مقدم على من هو أصغر منه لأنه أقرب للصبر والرفق بالمحضون، وكذا إذا تعدد بوجود الشقيق، والذي للأم فإنه يقدم الشقيق، ثم الذي للأم ثم الذي للأب فتقدم العمة الشقيقة، ثم التي للأم ثم التي للأب، وهكذا (خ) وقدم الشقيق ثم للأم ثم للأب في الجميع، فإن تساووا فيقدم الصيِّن الأسن فإن تساووا قدم الأسن فإن تساووا فالقرعة، فإن كان في أحدهما صيانة، وفي الآخر شفقة فيقدم الصيِّن على الأشفق، فإن تساووا قدم الأسن، فإن تزوجت أمه عمه فأراد عمه الأشفق أخذه لم يكن له ذلك لأن كونه مع أمه وعمه أولى من كونه عند عم له زوجة أجنبية، وإن تزوجت خالته عمه فأراد أبوه أخذه لم يكن له ذلك لأن كونه مع أمه وعمه أحسن من كونه عند أبيه الذي زوجته أجنبية، لأن الغالب منها عليه الجفاء، والغالب من الأب أن يكله إليها قاله (ز) وهو داخل في قول الناظم: وفي الإناث عدم الزوج عدا *** جداً لمحضون بها زوجاً غدا وفي قول (خ) عاطفاً على ما تسقط به الحضانة أو يكون محرماً، وأن لا حضانة له كالخال أو ولياً كابن العم الخ. (وشرطها) أي الحضانة زيادة على ما تقدم في قوله: وكونهن من ذوات الرحم شرط الخ. (الصحة) أي صحة جسم الحاضن فالمريض الضعيف القوة لا حضانة له، وكذا الأعمى والأصم والأخرس والمقعد لأنه لا يقوم بمصلحة نفسه، فكيف يقوم بمصلحة غيره؟ اللهم إلا أن يكون عنده من يحضن كما يفيده الزرقاني في المقعد، والظاهر أن غيره ممن ذكر كذلك، وكذا من يخاف من مرضه العدوى على ما جرت به العادة كالجذام والبرص والجرب الدامي والحكة، ومن ذلك المسمى عندنا بالمرض الكبير وهو حب الإفرنج، ولو كان في المحضون مثله لأنه قد تحصل زيادة بانضمامه لمن به ذلك، ولو كان عنده من يحضن لاحتمال اتصاله بالمحضون بخلاف القسم الأول الذي قبله. (والصيانة) فلا حضانة لغير الصيِّن للحوق المعرة بعدم الصون وظاهر كلامهم ولو كان عنده من يحضن (والحرز) أي مكان حرز لئلا يلحقه الضياع كأن يكون بطرف العمارة بحيث يخشى عليه من السباع وتصيبه المتوقعات المحذورة كسارق يسرقه أو يسلبه ثيابه وكدخول الفساق على البنت أو الولد (والتكليف) فلا حضانة لغير عاقل ولا لغير بالغ لأنه لا يمكن أن يكون المحضون معهما في حفظ وصيانة. وفي الفائق: أن الصبي الصغير له الحضانة وحاضنه يحضن له قال أبو إبراهيم الأعرج: وبه الفتوى اه بنقل (تت) ومثله في (ز) عند قول المصنف: ورشد لا إسلام الخ. وكذا ذكره طفي عند قول المصنف، وشرط الحاضن العقل الخ. ونظمه في العمل المطلق. قلت: ولعل هذا خاص بالحاضن الذكر، وأما الأنثى فلا لأنه قد تكون حضانتها ليست محرماً من محضون الصبي ولا أشفق عليه إلا أن تكون حاضنته ممن تستحق حضانة الصبي المحضون إلا أنها متأخرة في المرتبة فتأمله. (والديانة) فلا حضانة لفاسقة ولا لفاسق، فرب أب شريب يذهب يشرب الخمر ويترك ابنته يدخل عليها الرجال ولا يشترط كون الحاضنة مسلمة على المشهور، بل للذمية من الحضانة ما للمسلمة إن كانت في حرز ولم يخش عليها من تغذيتهم الخمر والخنزير كما في (ح) وشروحه. تنبيهان: الأول: ظاهر قول الناظم والتكليف والديانة الخ. أنه لا يشترط في الحاضنة أن تكون رشيدة، وهو كذلك حيث كانت حافظة لما تقبضه من نفقة محضونها، أو كان لها ولي وإلاَّ فلا كما أفتى به ابن هارون، وهو الصواب كما في ابن عرفة. انظر شراح المتن ونظم العمل المطلق. الثاني: ظاهر النظم أيضاً أن الحاضن إذا نوزع في شرط من هذه الشروط فإن عليه إثباته لأن الأصل عدم الشروط حتى يثبت وجودها، وهذا هو الذي صرح به (خ) في الأمانة حيث قال: وأثبتها أي يجب على الحاضن أن يثبت الأمانة إن نوزع فيها، ولا مفهوم للأمانة بل غيرها من الشروط مما عدا الصحة كذاك، وأما الصحة فإن القول لمدعيها لأنها الأصل في الناس ومدعي خلافها عليه الإثبات. وقد اقتصر ابن رحال في حاشيته هنا لما في (خ) من وجوب الإثبات مصرحاً بأنه المذهب. قلت: وهو الظاهر لأنه الذي تشهد له القواعد والظواهر، واعتراض الشيخ الرهوني عليه في حاشيته على المختصر بأنه لا مستند لخليل إلا كلام ابن القصار وابن الهندي وابن فتوح، ومن وافقهم. وهؤلاء إنما اعتمدوا في ذلك على أخذهم إياه من المدونة وليس أخذهم منها بمسلم الخ. غير ظاهر كما يعلم ذلك بمراجعة المطولات وملاحظة القواعد واعتراضه أيضاً بأنه لو كلف الحاضن بإثبات الأمانة لكلف بذلك الأب عند انتقال الحضانة إليه يرد بأن الأب هو الأصل لما جبل عليه من الحنانة والشفقة، ولأنه الدافع للمال، وقد كان الولد في حفظه ونفقته فلا يلزمه دفع الولد والنفقة للحاضنة، أماً كانت أو غيرها حتى تثبت أمانتها وديانتها لئلا يضيع عليه ماله أو ولده، فلا يقال: إن إثبات ذلك لازم له أيضاً إذا أراد الحضانة بنفسه لأنا نقول الكلام إنما هو في نقل الشيء عن أصله أي: فلا ينقل عنه ولا يحكم عليه الشرع بدفعه إلا لمن يوثق به، ولو كان هو مسخوطاً غير مرضي الحال، وإلاَّ لزم الخروج من سخطة إلى مثلها أو أقبح منها، وذلك من العبث الذي لا يحكم به الشرع وهو بالنسبة للطفل، وأما بالنسبة للنفقة فلا إشكال أنه لا يلزمه دفعها إلا لموثوق به كما مر، وهكذا أيضاً يقال في كل من طلب انتقالها إليه لأن الكلام إنما هو مفروض عند التشاح والحائز للولد إن مات الأب مثلاً لا يلزمه دفع الولد إلا لموثوق به لكون الشارع أمره بذلك لئلا يوقع الولد في مضيعة فلا يخرج الولد من يد من ثبت له عليه محافظة ولو لحظة إلى أمر محتمل مشكوك في كونه أسوأ حالاً من الحائز أو مثله والله أعلم. (و) شرطها (في الإناث) بخصوصهن زيادة على ما تقدم (عدم الزوج) فإن الحاضنة إذا تزوجت ودخل بها زوجها سقطت حضانتها (عدا) فعل دال على الاستثناء، ومعناه جاوز وفاعله ضمير عائد على المصدر المفهوم من الكلام السابق (جداً) مفعول بعدا ( لمحضون) صفة لجد (لها) صفة في الأصل للنكرة بعده إلا أنه لما قدم عليها يعرب حالاً لأن الصفة لا تتقدم على الموصوف (زوجاً) مفعول لقوله (غدا) والجملة صفة لجد أيضاً، والتقدير وشرطها في الإناث عدم الزوج، فإن وجد سقطت وجاوز السقوط جد المحضون صار زوجاً لها أي للحاضنة ويلحق بالجد كل ولي للمحضون ولو ولي المال، وإن لم يكن محرماً له كابن العم والوصي وكل محرم، وإن لم تكن له الحضانة كالخال، فإن تزوج الحاضنة بواحد من هؤلاء كتزوجها بالوصي أو ابن العم أو كتزوج عمة الطفل بخالة لا يسقط حضانتها ولو كان للمحضون هناك حاضنة أقرب إليه منها فارغة من الزوج كما مر عند قوله: والسن بها مرعي خلافاً لما في اليزناسني هنا. ولما في (ز) عند قول (خ) أو ولياً كابن العم. وبيانه أنا إذا قلنا: إنما تبقى حضانتها بعد تزوجها بالولي المحرم إذا لم يكن هناك من يستحقها قبل ابن العم مثلاً كما يقوله اليزناسني و(ز) كان الاستثناء في النظم و(خ) ضائعاً ولو قال الناظم: وفي الإناث عدم الزوج عدا *** ولياً محرماً لها زوجاً غدا لشمل كل ولي وكل محرم، ويكون لفظ محرماً معطوفاً بحذف العاطف وضمير عدا يعود حينئذ على من ذكر. وحاصله: أن الزوج الثاني إما أن يكون محرماً أو لا. وفي كل منهما إما أن تكون له الحضانة أو لا. فالأقسام أربعة تسقط حضانة المتزوجة بواحد وهو ما إذا كان غير محرم ولا حضانة له كابن الخال والأجنبي ولا تسقط في الباقي وهو المحرم الذي له الحضانة كالعم، والذي لا حضانة له كالخال وغير المحرم الذي له الحضانة كابن العم (خ): وللذكر من يحضن وللأنثى الخلو عن زوج دخل إلا أن يعلم ويسكت العام أو يكون محرماً وأن لا حضانة له كالخال أو ولياً كابن العم الخ فقوله: وللذكر من يحضن أي يشترط في الحاضن الذكر أن يكون عنده من يحضن له من زوجة أو سرية أو متبرعة، وأن يكون المحضون ذكراً أو أنثى غير مطيقة، وأما المطيقة للوطء فلا حضانة له عليها ولو مأموناً ذا أهل خلافاً لأصبغ، وقوله: إلا أن يعلم مستثنى من مفهوم دخل كما أن الاستثناء في النظم من مفهوم عدم الزوج كما قررنا، ومفهومه أنه إذا لم يعلم مستحق الحضانة بعدها بتزوجها ودخولها، أو علم ولم يسكت أو سكت أقل من عام لم تسقط حضانته، وهو كذلك كما في اللخمي وغيره، وانظر لو علم بتزوجها ودخولها وسكت عاماً إلا أنه جهل كون سكوته مسقطاً لحقه ففي (ز) أن ذلك عذر يوجب له عدم سقوط حقه في الحضانة، واعترضه الشيخ الرهوني في حاشيته بأنه لم يره منصوصاً قال: والجاري على ما يأتي من سكوت الشفيع أنه لا يعذر بالجهل بالحكم اه. قلت: قد يقال من حفظ حجة على من لم يحفظ ولا يقاس سكوت الحاضنة على سكوت الشفيع لشهرة حكم سكوت الشفيع عند الناس دون حكم سكوت الحاضنة والله أعلم. ثم إذا سكت العام فهل تسقط حضانتها وحضانة من علم أيضاً وهو في المرتبة بعدها كما قالوا في الشفعة: إن سكوت الأقرب يسقط شفعته وشفعة من علم وهو في المرتبة بعده أو لا تسقط في الحضانة إلا حضانة الأقرب، ويستأنف للأبعد عام آخر كما في الفائق عن ابن زرب ونحوه في البرزلي عن أحكام الشعبي، ونقله الشيخ أحمد بابا مسلماً اه. وتقدم أن من خالع زوجته على أن تسقط هي وأمها الحضانة أنها لا تسقط في الجدة لأنها أسقطت ما لم يجب لها وهذا إذا لم يقل في الوثيقة ثم بعد إسقاط الأم أسقطت الجدة حقها، وإلاَّ فلا كلام لها انظر ما تقدم في الخلع ومحل سقوط الحضانة بالتزوج إذا لم يتعلق الولد بأمه، ويكون عليه ضرر في نزعه منها، وإلا لم تسقط حضانتها ولم ينزع منها للضرر اللاحق في الولد، وقد نص (ز) أيضاً على هذا عند شرحه للنص المتقدم عند قوله: إلا لكمرض أو موت جدة الخ. وبه يعلم أن الرضيع لا ينزع من أمه إن طلقت وتزوجت لما عليه في ذلك من الضرر الفادح، وكذا قريب الفطام حيث اعتلق بها ولم يصبر عنها، وقد شاهدنا كثيراً من الناس يطلب نزع الرضيع من مطلقته إن تزوجت فيمتع من ذلك لما يخاف من موت الولد، ولا سيما إن كان الأب فقيراً إذ لا يجد في الغالب من يرضعه ويقوم به كأمه، وإن وجده في وقت فلا يجده في وقت آخر فيؤدي ذلك لضياع الولد كما وقع ذلك بالمشاهدة، بل ولا يجوز الخلع حينئذ على إسقاط حضانتها للولد المذكور ولو تراضيا عليه كما قدمناه في الخلع. (وما) موصولة واقعة على الحضانة مبتدأ (سقوطها) مبتدأ (لعذر) يتعلق بالخبر الذي هو قوله (قد بدا) والجملة صلة ما (وارتفع العذر) جملة من فعل وفاعل معطوفة على جملة الصلة (تعود أبداً) خبر الموصول، والتقدير والحضانة التي سقوطها قد بدا لعذر من مرض أو انقطاع لبن أو حجة فرض أو سافر بها جدها وهو جد الصبيان أو غيره من الأولياء غير طائعة، ولا يمكنها حمل المحضون معها أو جهلت أن الحق انتقل في الحضانة لها أو سافر الولي بالمحضون سفر نقلة أو خرجت لطلب ميراثها وارتفع ذلك العذر بأن برئت من المرض أو رجع إليها لبنها أو رجعت من سفر الحج والزوج، أو علمت أن الحق في الحضانة لها، أو رجع الولي من سفره بالمحضون، أو رجعت من طلب ميراثها فإن الحضانة تعود لها في ذلك كله لأنها تركت حقها في الحضانة في ذلك كله بغير اختيارها، فهي معذورة وحقها إنما سقط حال وجود العذر، فإذا زال رجعت إليها الحضانة إلا أن تتركه بعد زوال العذر حتى طال الأمد السنة ونحوها مختارة فلا تأخذه ممن هو بيده أو يكون ألف من هو عندها أو شق نقله عنها كما مرّ في البيت قبل هذا. تنبيهان: الأول: يفهم من قولهم: إذا خرجت الحاضنة لطلب ميراثها لا تسقط حضانتها أنها إذا خرجت للصيفية ولقط السنبل لفقرها كذلك لا تسقط حضانتها أيضاً. وفي البرزلي: إذا أرادت الخروج للصيفية ولقط السنبل ومنعها الأب من الخروج بالمحضون فإن ذلك له، ويكون المحضون عنده مدة غيبة الحاضنة في الصيفية فإذا رجعت أخذته من الأب. ابن رشد: ويحتمل أن لا يقضى للأب بمنعها من الخروج به على ما جاءت به الرواية أن لها الخروج به للمسافة القريبة التي لا تقصر فيها الصلاة. قال: وأما خروج المطلقة في العدة والمتوفى عنها لجمع السنبل فلها ذلك إن كانت محتاجة اه. وقال: أعني البرزلي قبل هذا ما نصه: وسئل أبو محمد المرسي عن من طلق زوجته وله منها بنات فخرجت بهن للصائفة يعني بغير إذنه أتسقط النفقة عنه مدة مقامها بهن هناك أم لا؟ فقال: ذلك ساقط عنه مدة إقامتها بهن زمن الصائفة اه. قال البرزلي: هذا ظاهر إن قلنا إن الحضانة من حقها، وإن قلنا إنها حق للولد أو حق لله فيجب رجوعها عليه بنفقتهن وهي تجري عندي على مسألة المحجور إذا خرج به وليه لحج الضرورة أو لغير ضرورة، وعلى خروج المرأة لزيارة أهلها أو لتطوع حج هل نفقتها واجبة أو لا؟ وأما القدر الزائد لأجل السفر فلا خلاف أنه ساقط عنه اه. قلت: ويؤيد رجوعها عليه في مسألة الخروج للصائفة ما مرّ عن ابن رشد من قوله: ويحتمل الخ. وذكر (ح) آخر الباب الثاني من التزاماته ما نصه: اختلفوا في سقوط النفقة عن الأب إذا خرجت بهم إلى المكان القريب الذي يجوز لها الخروج بهم إليه ولا تسقط حضانتها فقال في ضيح، قال ابن راشد القفصي: حيث قلنا تخرج بهم فحقهم في النفقة باق على أبيهم في ظاهر المذهب، وحكي في الطراز عن ابن جماهير الطليطلي أن الأم إذا خرجت ببنيها للصائفة يسقط الفرض عن أبيهم مدة مقامهم اه. قال (ح): واقتصر ابن عرفة على ما حكاه صاحب الطرر ورجح في الشامل الأول، وحكى الثاني بقيل اه. وقد تبين بهذا رجحان القول بعدم سقوط نفقتهم عن أبيهم في خروجها بهم لقريب المكان الذي لا تقصر فيه الصلاة كما مر عن ابن رشد وكما قاله القفصي عن ظاهر المذهب، ورجحه في الشامل والله أعلم. الثاني: إذا ترك الأب ولده عند حاضنته بعد تزوجها سنة فأكثر فليس له نزعه منها، بل يتركه عندها وتجب عليه نفقته، اللهم إلا أن يثبت تضييع الحاضنة للولد أو كون زوجها يستخدمه ويستعمله فله نزعه حينئذ قاله ابن رشد، ونقله ابن البرزلي أيضاً. هذا مفهوم قوله في البيت قبله لعذر، والمعنى أن سقوط الحضانة إذا كان لغير عذر كما لو تزوجت بعد أن انتقلت الحضانة لها أو أسقطت حقها منها بعد وجوبها لها أو سكتت عاماً بعد انتقالها إليها مع علمها بذلك، فإن الحضانة لا تعود لها في ذلك كله، ولو زال التزويج في المسألة الأولى بطلاق أو موت أو فسخ وأراد بالتزويج الحقيقي وهو دخول الزوج إذ لا تسقط حضانتها قبله وشمل قوله: تزويج ما حدث بعد الانتقال كما قررنا، وما كان موجوداً وقت الانتقال فإذا تزوجت الأم والجدة متزوجة أيضاً بأجنبي وانتقلت الحضانة للخالة مثلاً ثم تأيمت الجدة، فإنه لا ينزع من الخالة ويرد للجدة على المشهور كما قاله البدر، لأن الجدة لما اتصفت بالمانع وقت تزوج الأم انتقل الحق لغيرها وتعلق حق ذلك الغير بها وما في (ز) عند قوله: أو ولياً كابن العم مما يقتضي نزعه من الخالة ورده للجدة في المثال المذكور ونحو في ( ت) ههنا حاكياً عليه الاتفاق مردود بما تقدم عن البدر، كما نبه عليه بعض المحشيين والتعليل المتقدم الذي نقله (ز) وغيره عند قول المتن ولا تعود بعد الطلاق شاهد للمشهور المذكور، وظاهر النظم أنها لا تعود حيث سقطت بتزويج ولو ماتت الحاضنة التي بعدها بعد تأيم المتزوجة، وهو كذلك على المشهور عند ابن سلمون ونصه: ولا تعود الحضانة لها إن طلقت بعد ذلك على القول المشهور، وهي رواية ابن القاسم عن مالك في المدونة والعتبية، وقيل عنه في غيرهما أنها تعود إن طلقها الزوج أو مات عنها. قال ابن رشد: وهو قول المغيرة وابن دينار وابن أبي حازم، ووجه هذا القول إنه رأى أن التزوج من الأمور الضروريات فجعله عذراً كالمرض وانقطاع اللبن قال: وقد قيل إن حقها في الحضانة يسقط بالتزوج إلا في جهة من حضن الولد في حال كونها مع الزوج فإن خلت من الزوج ثم مات ذلك الحاضن كان لها أخذ ولدها، وكانت أحق بحضانته من غيرها اه. الغرض منه وبالقول الأول صدر ابن رشد وغيره، ولما نقل ابن عبد السلام هذه الأقوال قال: وهذا القول الثالث راجع عندي إلى القول الثاني المقابل للأول. قال اليزناسني في شرحه لهذا المحل: هذا القول الثالث نقله في ضيح عن الموازية وابن محرز والمتيطي، وعليه اقتصر في مختصره حيث قال: ولا تعود بعد الطلاق إلا لكمرض أو لموت جدة والأم خالية الخ. فاستثنى من عدم العود موت الجدة والأم خالية، وليس هذا القول الثالث مشهوراً على ما عند ابن الحاجب وابن عبد السلام وغيرهما كما في ابن عرفة وابن سلمون قال: وقد وقعت مثل هذه النازلة فأفتى فيها بعضهم بما في المختصر فنازعته وقلت له: إن ذلك القول غير مشهور، بل المشهور على ما نقله ابن الحاجب وابن عاصم وغيرهما أن التزوج يسقط الحضانة جملة فلا تعود لها أبداً حسبما تقدم اه. كلام اليزناسني بتقديم وتأخير واختصار، وبالجملة فما في المختصر ضعيف نقلاً ونظراً أما الأول فظاهر مما مر، وأما الثاني فلأن الأم بتزوجها كانت مختارة لإسقاط حقها، والحاضنة إذا أسقطت حقها لا تعود لها مطلقاً كما مر. (وحيث) ظرف مضمن معنى الشرط معمول لجوابه و(بالمحضون) يتعلق بقوله (سافر الولي) والجملة في محل جر بإضافة حيث (بقصد الاستيطان والتنقل) يتعلق بمحذوف حال. (فذاك) مبتدأ (مسقط) خبره (لحق الحاضنة) يتعلق به والجملة جواب حيث (إلا) استثناء (إذا) ظرف مضمن معنى الشرط (صارت هناك ساكنة) في محل جر بإضافة إذا، وجواب إذا محذوف للدلالة عليه أي: فلا تسقط حضانتها. ومعناه أن الولي أباً كان أو وصياً أو غيرهما من أخ أو عم ونحو ذلك إذا أراد السفر بالمحضون بقصد الانتقال والاستيطان في البلد المنتقل إليه، فإن ذلك السفر مسقط لحق الحاضنة في جميع الأحوال إلا في حالة واحدة وهي أن تنتقل مع محضونها وتصير ساكنة معه في البلد المنتقل إليه فإن حضانته لا تسقط حينئذ، وأطلق الناظم في المحضون فظاهره ولو رضيعاً، وهو كذلك على المشهور حيث قبل غير أمه وأطلق أيضاً في الاستيطان فظاهره ولو سنة. وفي الشامل: وهل يحصل الاستيطان بسنة أو لا؟ قولان. وأطلق أيضاً في الولي، والمحضون فظاهره ولو كانا عبدين وليس كذلك بل لا بد أن يكونا حرين فلو كانا عبدين أو أحدهما لم يكن الحكم ما ذكره، وأطلق في السفر فظاهره ولو أقل من ستة برد وليس كذلك، بل لا بد أن يكون سفره ستة برد فأكثر وإلا لم ينزعه منها على المعتمد لإمكان النظر مع قرب المسافة، وفهم من قوله بقصد الاستيطان أن سفره إذا كان لتجارة أو نزهة لا ينزع منها وهو كذلك، وكذلك إذا سافرت هي بقصد النزهة أو التجارة أو طلب ميراثها فإنه لا ينزع منها، بل تأخذه معها إن قرب وإن بعد كستة برد فللأب أو الولي منعها كما مر، فإن سافرت بغير إذنه في البعيد فنفقة الولد عليها كما أشار له (خ) بقوله في العدة: كنفقة ولد هربت به الخ. وفهم من قوله بقصد الاستيطان أنه يصدق في دعوى الاستيطان مع يمينه، إذ لا يعلم قصده لذلك إلا من قبله وهو كذلك على المعتمد. قال في الشامل: ولا يكلف أن يثبت ببلد الحاضنة أنه قد استوطن البلد الذي رحل إليه على الأرجح، بل يحلف على ذلك فقط اه. ونحوه في (خ) فما في (ت) و(م) عن ضيح من أنه يكلف بإثبات ذلك عند الحاكم لا يعود عليه، وبقي على الناظم شرطان: وهما أن يكون البلد المنتقل إليه مأموناً تجري فيه الأحكام الشرعية على مقتضاها، وأن يكون الطريق مأموناً فيه على نفسه وماله وعلى المحضون، وهذان الشرطان لا بد من إثباتهما وهما مشترطان أيضاً في سفر الزوج لزوجته كان سفره للاستيطان أم لا. ويزاد عليهما شروط كونه مأموناً في نفسه محسناً إليها. قال في العتبية: إذ ليس له أن يخرجها لذلك البلد ثم يطعمها شرك الحيتان، وظاهر كلام المعين أنه محمول على الإساءة وعدم الأمانة عند الجهل، وهو الذي لأبي محمد صالح، وبه جزم ابن ناجي قائلاً: وبه حكمت غير ما مرة، واقتصر عليه ناظم العمل المطلق حيث قال: ومن له زوج أراد يظعن *** يثبت أنه إليها يحسن الخ. والذي لابن رشد والباجي أنه محمول على الأمانة وعدم الإساءة حتى يثبت خلافها، واقتصر عليه ابن عرفة والوانوغي والفشتالي في وثائقه وكان هذا ينظر للأصل الذي هو عدم العداء والأول ينظر للغالب إذ الغالب في الناس الجرحة وعدم الأمانة، والقاعدة أنه إذا تعارض الأصل، والغالب فالحكم للغالب وكون البلد المنتقل إليه قريباً ولا يضبط القرب بستة برد، ولا بأقل. بل بحيث لا يخفى على أهلها خبرها، وهذا الشرط ذكره أبو إبراهيم مقيداً به المدونة. ونقله أبو الحسن مسلماً. وخالف فيه البرزلي وابن ناجي فلم يشترطاه وأبقيا المدونة على ظاهرها وكونه حراً وهي حرة أيضاً، وكونها قادرة على الركوب أو المشي، وكونها صحيحة لا مريضة، وأن يكون قد دخل بها وإلاَّ فلأهلها ولها المنع حتى تزف إليه فإن توفرت هذه الشروط وقالت: لا أرتحل معه حتى آخذ صداقي فإن كان قد بنى بها فلا يلتفت إلى قولها حيث كان عديماً به لأنه دين في ذمته، والفرض أن البلد المنتقل إليه تجري فيه الأحكام الشرعية، وأما إن كان موسراً فظاهر المدونة كذلك، والذي لابن يونس وارتضاه بعض قائلاً وهو المعول عليه أن لها الامتناع حتى تقبضه لأنه إذا كان موسراً لا يلزمها تأخير قبضه للبلد المنتقل إليه. قال ابن ناجي: وظاهر المدونة أن الحضرية مع توفر الشروط تخرج إلى القرى كعكسها وهو ظاهر كلامهم، وبه أفتى أبو عبد الله محمد ابن أمير المؤمنين أبي العباس أحمد، وأفتى الشيخ أبو القاسم الغبريني وأبو علي بن قداح وبعض شيوخنا وشيخنا حفظه الله بعدم خروجها حيث يكون عليها معرة أو مضرة وبه أقول اه. قلت: وكثيراً ما يقع النزاع في إخراج الحضرية من فاس أو غيرها من الحواضر إلى أهل العمود أو بعض القرى، وقد كنت رأيت بعض القضاة لا يحكم بإخراجها، ولعل مستنده ما مر ولا سيما في هذه الأزمنة التي كثر فيها السرقة والغصب في القرى فضلاً عن أهل العمود فهي لا تخلو عن مضرة فضلاً عن المعرة. (ويمنع الزوجان) نائب فاعل يمنع بضم الياء (من إخراج) يتعلق بيمنع (من) موصول مضاف إليه (من حين الابتناء معهما) بسكون العين وهو والمجروران قبله يتعلقان بقوله: (سكن) والجملة صلة الموصول. (من ولد) بيان للموصول المذكور (لواحد) نعت لولد (أو أم) معطوف على ولد ( وفي سواهم) خبر عن قوله: (عكس هذا الحكم) والضمير في سواهم عائد على من الموصولة وجمع الضمير باعتبار معنى ما وقعت عليه والتقدير، ويمنع الزوجان من إخراج ولد أو أم لأحدهما سكن معهما من حين الابتناء، فإذا بنى الرجل بزوجته ومعها ولدها صغير أو وجدت هي عنده ولداً له صغيراً وسكن ذلك الولد معهما، ثم أراد أحدهما إخراج ولد الآخر فليس ذلك له ولا لها ويجبر الممتنع منهما على السكنى مع ذلك الولد، لأنه قد أسقط حقه فيه بسكوته حين سكناه وقت الابتناء، وكذلك أم أحدهما إذا سكنت معهما من حين الابتناء، ثم امتنع أحدهما من بقائها ساكنة معهما فإنه لا كلام له على ما في النظم وهو معترض كما يأتي، وأشار بقوله وفي سواهم الخ. إلى مفهوم ولد أو أم وإلى مفهوم من حين الابتناء أي: فإذا كان قريب أحد الزوجين غير ولد ولا أم بل كأخ أو ابنه أو كان ولداً أو أماً ولم يسكن معهما من حين الابتناء، ولكن أراد أحدهما أن يأتي بعد الابتناء بولده أو أمه ليسكن معهما وأبى الآخر، فإن الآبي لا يجبر على سكناه معه، وظاهر النظم أنه لا يجبر ولو لم يكن للولد أو للأخ مثلاً حاضن وليس كذلك، بل إنما لا يجبر الممتنع على سكناه معه حيث لم يدخل عليه ابتداء إذا كان للولد حاضن يمكن دفعه إليه كما قاله ابن زرب وغيره، وإلا أجبر الممتنع على سكناه معه، وإن لم يدخل عليه ابتداء وظاهره أيضاً أن الأم كالولد في التفصيل المذكور بين أن تسكن الأم معهما في حين الابتناء فلا كلام لواحد منهما في إخراجها عنهما أو لا. فلكل منهما إخراجها وليس كذلك أيضاً. بل لكل منهما إخراجها مطلقاً كانت معهما حين الابتناء أم لا. ولو حلف أن لا يخرج أمه عن زوجته لم يعذر بذلك وحمل على الحق أبره ذلك أو أحنثه قاله ابن الماجشون. اللهم إلا أن تكون وضيعة القدر أو ذات صداق يسير أو شرط عليها السكنى مع أهله كما المتيطي وغيره، فإنها تجبر على السكنى مع أهله. وقد تحصل أن الأولاد يفرق فيهم بين الابتناء وعدمه، وأن الأم وغيرها من الأقارب يفرق فيهم بين الوضيعة وغيرها. وقد أجاد (خ) في المسألة حيث قال: ولها الامتناع من أن تسكن مع أقاربه إلا الوضيعة كولد صغير لأحدهما إن كان له حاضن إلا أن يبني وهو معه اه. إلا أنه أطلق في الوضيعة وهو مقيد بما إذا لم يتحقق ضرر أهله بها وإلاَّ فتعزل عنهم، وكذا ذات الشرط والصداق اليسير فإنه إذا تحقق الضرر وثبت وجب العزل، وأما غيرهن فلا يلزمهن السكنى معهم، وإن لم يثبت ضرره ولا تحقق. وهذا كله إذا لم يدع الزوج الخوف عليها من فعل المكروه إذا عزلت عن أهله، ولا سيما حيث كانت غير مأمونة كما هو الغالب في نساء زمننا اليوم، وإلاَّ فليجتهد القاضي في ذلك فيسكن الوضيعة ومن معها في ثبوت ضررهم بها مع ثقة له امرأة أمينة أو فيسكنهما بين قوم صالحين قاله ابن رحال. قلت: وهو ظاهر فإن أثبت الوضيعة ومن معها ضررهم بشهادة من سكنها معهم زجر الظالم بالسجن والضرب، ولا يعزل واحدة منهن عن الأهل، لأن غالب النساء في هذا الزمان يرمن الانفراد ليتوصلن للمكروه والفساد. وانظر ما مر في ضرر الزوجين، والله أعلم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم آمين تم الجزء الأول من البهجة في شرح التحفة للعلامة علي بن عبد السلام التسولي ويليه الجزء الثاني أوله باب البيوع الجزء الثانى باب البيوع أتى بجمع الكثرة لتعدد أنواع البيع لأن الذوات المبيعة إما عيناً بعين أو عرضاً بعرض أو عيناً بعرض وبالعكس، فالعين بالعين إن كانت نوعاً واحداً كالفضة بمثلها والذهب بمثله يشترط فيهما أمران: التناجز والتساوي، ثم إن بيعت بالميزان سمي ذلك مراطلة، وإن بيعت بالعدد سمي مبادلة، وإن كانت نوعين كذهب بفضة اشترط فيهما التناجز فقط ويسمى صرفاً وحكم بيع الطعام بالطعام كالعين في الشروط المذكورة، كما يأتي للمصنف في فصلي بيع الطعام وبيع النقدين؛ وأما العرض بالعرض وهو ما سوى العين والطعام وما سوى الأصول أيضاً على ما عند الناظم كما يأتي في فصله، فيشترط أن لا يؤجلا معاً لأنه من الدين بالدين المنهى عنه فإن عجلا معاً صح بجميع وجوهه كان أجل أحدهما وعجل الآخر، ويسمى حينئذ سلماً إن توفرت شروطه كما يأتي في فصل السلم، وكذا حكم العين بالعرض يمنع تأجيلهما، ويجوز تعجيلهما وإن عجلت العين دون العرض يسمى سلماً، وبالعكس يسمى بيعاً لأجل قاله ابن بشير وغيره، فعبر الناظم بلفظ الجمع إشارة إلى أنه أنواع ستة المذكورة في قوله: ما يستجاز بيعه الخ. وكلها داخلة في التقسيم المتقدم وتكون صحيحة وفاسدة، ثم إن البيع مما يتعين الاهتمام بمعرفة أحكامه لعموم الحاجة إليه إذ لا يخلو المكلف من بيع وشراء فيجب أن يعلم حكم الله فيه قبل التلبس به، قال ابن العربي في القبس على موطأ مالك بن أنس: البيع والنكاح عقدان يتعلق بهما قوام العالم لأن الله سبحانه خلق الإنسان محتاجاً إلى الغذاء ومفتقراً إلى النساء وخلق له ما في الأرض جميعاً، ولم يتركه سدى أي هملاً يتصرف كيف شاء فيجب على كل مكلف أن يعلم ما يحتاج إليه من بيع أو غيره، ثم يجب عليه أن يعمل بما علم فيتولى أمر شرائه وبيعه بنفسه إن قدر وإلاَّ فغيره بمشورته ولا يتكل على من لا يعرف الأحكام أو يعرفها ويتساهل في العمل بمقتضاها اه. وفي القباب: لا يجوز للإنسان أن يجلس في السوق حتى يتعلم أحكام البيع والشراء فإن علم ذلك حينئذ فرض واجب عليه، ولا يجوز أن يعطي قراضاً لمن لا يعرف أحكامه، ولا أن يوكل الذمي على البيع ونحوه. ولا أن يشاركه إلا إذا لم يغب عنه. والبيع لغة مصدر باع الشيء إذا أخرجه عن ملكه بعوض أو أدخله فيه فهو من أسماء الأضداد يطلق على البيع والشراء كالقرء يطلق على الحيض والطهر، لكن لغة قريش كما للزناتي في شرح الرسالة استعمال باع إذا أخرج واشترى إذا أدخل. قال: وهي أفصح. وعلى ذلك اصطلح العلماء تقريباً للفهم. وقال الجزولي في شرح الرسالة: إن كل واحد من المتعاوضين بائع لما خرج من يده مشتر لما أخذ من يد غيره، واصطلح الفقهاء أن آخذ العوض يسمى مشترياً وآخذ العين يعني الدنانير والدراهم يسمى بائعاً اه. قال ابن عبد السلام: ومعرفة حقيقته ضرورية حتى للصبيان أي: وما كان كذلك لا يحتاج إلى تعريف إذ إنما يحتاج للتعريف الأمور النظرية. ورده ابن عرفة بأن المعلوم ضرورة هو وجوده عند وقوعه لكثرة تكرره ولا يلزم منه علم حقيقته ثم قسمه إلى أعم وإلى أخص فقال: البيع الأعم عقد معاوضة على غير منافع ولا متعة لذة فتخرج الإجارة والكراء والنكاح وتدخل هبة الثواب والصرف والمراطلة والسلم ثم قال: والغالب عرفاً أخص منه بزيادة ذو مكايسة أحد عوضيه غير ذهب ولا فضة معين غير العين فيه فتخرج الأربعة اه. وقوله: ولا يلزم منه علم حقيقته الخ. قد يقال: يلزم من وجود الحقيقة وتكرر وقوعه بين يديه علمها فتأمله. ولما ذكر البرزلي حد ابن عرفة واعتراضه على ابن عبد السلام وعلى من عرفه بأنه دفع عوض في عوض، وبأنه نقل الملك بعوض قال ما نصه: ظاهر هذه الاعتراضات تدل على طلب علم حقيقة الشيء وماهيته في هذا الباب وغيره مع أن حقائق الأشياء لا يعلمها إلا الله فهو المحيط بها من جميع الجهات فهو العالم بما يصلحها والمطلوب في معرفة الحقائق الشرعية وغيرها إنما هو تمييزها من حيث الجملة عما يشاركها في بعض حقائقها حتى يخرج منها ما يسري إلى النفس دخوله مثل أن يقال: ما الانسان؟ فيقال: منتصب القامة فيحصل له تمييزه عن بقية الحيوانات التي يسرع إلى النفس دخولها في الإنسان لا عن كل حقيقة لأنه يدخل فيه الحائط والعمود وكل منتصب القامة، لكن لما كان غير مقصود بهذا الكلام ولم يقع الاحتراز منه. قال بعض حذاق المنطقيين: وهذا المعنى كثيراً ما يقع من حكماء المتقدمين لأن قصدهم التنبيه على ما يحسن به التمييز في النفس ولو بأدنى خاصية فيعترض عليهم المتأخرون لاعتقادهم أنهم يأتون بالحقائق التي تشتمل على جميع الذاتيات وهم لا يقصدن ذلك لأنه لا يعلم حقائق الأشياء إلا الله سبحانه، فكل من عرف البيع ونحوه بما عرفه به إنما هو تصور معرفة الماهية من حيث الجملة لا من جميع جهاتها والله أعلم اه كلام البرزلي. وبه يسقط اعتراض ابن عرفه على غيره، واعتراض غيره عليه في بعض حدوده كاعتراض (ح) عليه في حده المتقدم وغيره. الغرناطي: تذكر في الوثيقة تسمية المتبايعين وما به يعرفان من صفاتهما وتذكر البيع وموضعه وحدوده وتذكر حقوقه ومرافقه وشجره وشرب ما له شرب ووصف المبيع وعدم شرط الثنيا والخيار وقدر الثمن وصفته، وقبض البائع له أو حلوله أو تأجيله إلى مدة لا تجاوز أربعين عاماً، ومعرفة المتبايعين بقدر ذلك وحلول المبتاع محل التبايع، والتبرىء من العيوب ورضا المبتاع بما حاشا الوظائف فلا تعقد التبرىء منها إلا بعد تمام البيع كالثنيا وتذكر عقد الإشهاد على المتبايعين ووصفهما بالطوع والصحة والجواز، وتضمن في بيع الأب على ابنه الصغير معرفة صغر الابن أو كونه في حجره بتجديد سفه أو تقديم قاض إن كان كبيراً، وإن باع ذلك لنفسه ذكرت معرفة حاجته، ولا بد أن تقول فيه ممن يعرف أصل المال للابن وابتياعه بمال وهبه له جائز، وإن لم تعرف الهبة قبل ذلك ولا يثبت التوليج إلا بإقرار المشتري وتضمن في بيع الوصي معرفة الإيصاء ومعرفة السداد في الثمن والوجه الذي يبيع ذلك لأجله، وتضمن في بيع الحاضن معرفة الحاضنة وصغر المحضون وفاقته وتفاهة المبيع. وأنه أحق ما يباع عليه، والسداد في الثمن وأنه عشرون ديناراً فأقل ومعاينة قبض الثمن، وتضمن في بيع الوكيل معرفة الوكالة ولا بد من معاينة القبض في كل من قبض لغيره كالوصي والوكيل والحاضن، وكذلك قبض المحجور نفقته أو مالاً لاختباره في التجر، وقبض العانس صداقها والأصم والأبكم اه. أما تسمية المتبايعين فلا بد منها لأنهما ركنان فإن سقط واحد منهما بطل الرسم، وأما ما يعرفان به من صفاتهما فإنما ذلك عند عدم معرفتهما فإن سقطت المعرفة والتعريف والوصف بطل الرسم كما مر عند قوله: وغالب الظن به الشهادة. الخ (خ): ولا على من لا يعرف إلا على عينه وصفته وحليته، وأما ذكر المبيع وموضعه فلا بد منه، فإن سقط بطل الرسم. وأما حدوده فإن سقوطها لا يضر كما يأتي في قوله: وناب عن حيازة الشهود الخ. لأنه قد يشهد بالحدود غيرهما فلا يفسد البيع بعدم ذكر الحدود كما يأتي قريباً في التنبيه الثاني، وأما ذكر حقوقه ومرافقه فلا يضر سقوطها بحال، وكذا ذكر شجره لأن ذكر الأرض يتناولها كما يأتي عند قوله: كذا قليب الأرض للمبتاع. وأما شرب الماء فلا بد من ذكره وإلاَّ لم يدخل إلا إن كان عيناً أو بئراً في وسط الأرض، كما يأتي في البيت المتقدم. وأما وصف المبيع فإنما يحتاج إليه إذا كان غائباً عن موضع العقد، فإن وصف حينئذ وإلاَّ بطل البيع، وأما عدم شرط الثنيا والخيار فلا يضر سقوطه أيضاً لأن الأصل عدم ذلك، وأما قدر الثمن فلا بد من ذكره، فإن سقط فيجري على ما مر عند قوله في الشهادة: ولم يحقق عند ذاك العدد. وأما قبض البائع له. فلا يضر سقوطه والأصل هو بقاؤه كما يأتي في اختلاف المتبايعين، وكما يأتي في التنبيه الثالث عند قوله: بأضرب الأثمان والآجال. وأما حلوله أو تأجيله فإنهما إن سقطا لم يضر، ويحمل على الحلول كما يأتي في اختلاف المتبايعين أيضاً، وكذا حلول المبتاع محل البائع لا يضر سقوطه أيضاً لأن العقد يوجبه كما يأتي في الاعتصار عند قوله: وحيث جاز الاعتصار يذكر الخ. وكذا التبرىء من العيوب لأن الأصل عدم وجودها وسيأتي عند قول الناظم: والبيع مع براءة إن نصت الخ. فراجعه هناك. وأما قوله: ورضا المبتاع بما حاشا الوظائف الخ. الوظائف: جمع وظيفة وهي ما قدر على الأرض من الخراج والمغرم، فلا يجوز بيع الأرض بشرط أن يتحمل المبتاع ما عليها من المغرم والخراج على مذهب ابن القاسم، وبه العمل كما في ابن سلمون، وإذا لم يجز ذلك في صلب العقد فيجوز التطوع به كالثنيا كما يأتي ذلك في فصلها إن شاء الله. وأما قوله: وتذكر عقد الإشهاد على المتبايعين الخ. فمراده أنك تقول في آخر الوثيقة شهد على إشهادهما بما فيه عنهما الخ. فإن لم تذكر إشهاداً لا في صلب الوثيقة ولا في آخرها، وإنما قلت تشهد بمعرفة فلان وأنه قد باع أو ابتاع كذا أو شرط كذا أو تطوع بكذا فإن شهادته لا تجوز إن لم يقل إن علمه لذلك بإشهاد فلان له عليه به إلا إن كان عالماً بما تصح به الشهادة، وكان من أهل العلم والتبريز فتجوز حينئذ، ويحمل على أنه علم ذلك بإشهادهما كما قاله في أوائل هذه الوثائق، وتقدم الكلام على هذا عند قوله: وغالب الظن به الشهادة. وسيأتي في الحبس أنه لا بد من الإشهاد في كل ما ليس فيه معاوضة، وأما ذكر الطوع والجواز والصحة فإنه لا يضر سقوطه لأنه الأصل ومن ادعى خلافها فعليه البيان كما يأتي في اختلاف المتبايعين حيث قال: وبيع من رشيد كالدار ادعى *** بأنه في سفه قد وقعا... الخ وكما تقدم في تعارض البينتين عند قوله: وقدم التاريخ ترجيح قبل الخ. وأما معرفة صغر الابن في بيع الأب عليه، فالظاهر أنه لا يضر سقوطه أيضاً لأن المشتري يدعي صحة العقد بسبب صغر الابن والابن يدعي فساده، وتقرر أن القول لمدعي الصحة كما يأتي في قوله: والقول قول مدع للأصل. وكما تقدم في تعارض البينتين أيضاً، وأما معرفة حاجة الابن في شراء الأب متاع ابنه فلا بد منها للتهمة كما يأتي في فصل مسائل من أحكام البيع عند قوله: وفعله على السداد يحمل. الخ. وأما معرفة أصل مال الابن فلا يضر سقوطها كما نبه عليه بقوله: وابتياعه بمال وهبه الخ. انظر فصل التوليج من اللامية، وانظر ما يأتي عند قوله: وبيع من حابى من المردود الخ. وأما معرفة الإيصاء ومعرفة السداد في الثمن فسقوطها مضر كما يأتي في قوله: وبيع من وصي للمحجورإلا لمقتضى من المحظور وكذا معرفة الحاضنة لا بد منها مع شروط أخر تأتي عند قوله: وجاز بيع حاضن الخ. وأما صغر المحضون؛ فيجري فيه ما تقدم قريباً، وأما معاينة القبض في كل من قبض لغيره حاضناً كان أو غيره فلا بد منها وإلا لم يبرأ الدافع من الثمن كما قال (خ) في الوكالة: وإن قال قبضت وتلف برىء ولم يبرأ الغريم إلا ببينة الخ. وكذا لا بد من معاينة القبض في بيع الأصم والأبكم وإلاَّ لم يبرأ الدافع، وكذا لا بد من معرفة الوكالة ولا بد أن تكون بإشهاد من الموكل، وإلا لم تصح كما يأتي في الحبس عند قوله: ونافذ تحبيس ما قد سكنه الخ. قال: أعني الغرناطي أول وثائقه: والإشهاد واجب على كل من باع شيئاً لغيره، فإن لم يشهد ضمن اه. وتقدم نحو هذا في باب اليمين عند قوله: والبالغ السفيه بان حقه الخ. وأن كل من ولي معاملة لغيره فإنه يحلف إن توجهت عليه اليمين وإلاَّ غرم وما ذاك إلا لعدم إشهاده. (وما شاكلها) أي شابهها في كونه عقد معاوضة وذلك كالمقاصة والحوالة والشفعة والقسمة والإقالة والتولية والتصيير والسلم، ونحو ذلك مما أدمجه الناظم في هذا الباب، وفصل بين أنواعه بالفصول دون الأبواب، وليس المراد بما شاكلها الفصول الستة المشار لها بقوله: أصول أو عروض أو طعام. إلى قوله: أو حيوان، لأن هذه الفصول الستة هي التي جمعها أولاً بقوله البيوع خلافاً ل (ت) ومتبوعه حيث أدخل الصرف ههنا.
|